(وَقَالَ رَبُّكُمُ
ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ
عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ
(60) غافر)
رب العالمين يأمرك أن تدعوه لكي يستجيب لك فماذا بعد هذا من بشارة؟!
تأمل لو أن ملكاً من ملوك الأرض أحبّك
فأعطاك رقم هاتفه الخاص وطلب منك أن تتصل به في أي وقت تحتاجه وفي أي أمر
تحتاجه ليقضيه لك مهما كان طلبك عظيماً ماذا يمكن أن يكرمك الملك أكثر من
ذلك؟
هكذا فعل ملك الملوك في قوله تعالى لعباده
(وقال ربكم ادعوني استجب لكم)
قدرٌ كتب تعالى على نفسه أنه من دعاه لا بد أن يستجيب له وقد يقول البعض دعوت الله ولم يستجب لي.
في الحديث القدسي
ينادي بالعبد يقول تعالى يا عبدي لقد أمرتك بالدعاء ووعدتك بالاستجابة فهل
كنت تدعوني فيقول نعم يا رب فيقول له الرب أولم تكن دعوتني في يوم كذا
بغَمٍّ نزل بك فكشفته عنك أولم تكن دعوتني في يوم كذا بغمٍّ نزل بك فلم تر
استجابة فيقول العبد نعم يا رب فيعدد الله تعالى له كل ما دعاه من ساعة ما
أصبح مميزاً الى ساعة موته وهذا الدعاء دعوتني فاستجبت وهذا الدعاء دعوتني
فلم استجب ويريه كل ادعيته فيقول تعالى للعبد انظر فوقك فإذا به يرى
الأدعية التي لم تستجب في الدنيا وإذا بالله قد ادّخر له من النعيم ما لا
يمكن وصفه ولا يقاس بما استجاب الله تعالى له في الدنيا بهذا النعيم
العظيم.
فيقول العبد في نفسه ليته لم يستجب لي في الدنيا دعاء.
قوله تعالى:
(ادعوني استجب لكم)
الدعاء هو العبادة والدعاء مخ العبادة كما قال r
لأنه اتحاد بين الله تعالى وعبده فأنت تتحد مع الله عز وجل. عندما يُضام
الطفل يصيح لوالده وعندما تضام الطفلة تصيح لأمها وأحب الناس اليها فما
بالك بمن يستغيث بالله تعالى والله وليّ المؤمنين.
من أجل ذلك قد تصل يوم القيامة بالدعاء الى ما لا تصله بالعمل.
في الحديث أن من
عباد الله عبدين أخوين كان احدهما أشدّ صلاحاً من الآخر فلما بُعث ودخل
الجنة رأى لصالح أن أخاه قد سبقه وهو في جنة أعلى من جنته فتعجب الصالح بم
سبقه فيقول يا رب لقد كنت خيراً منه في الدنيا فبم سبقني؟
فيقول الرب أبخستك من حقك شيء؟
فيقول لا هذا مكاني الذي استحقه بعملي.
قال تعالى هذا جزاؤك بعملك وهذا كان يدعوني الفردوس الأعلى فأعطيته الفردوس.
يقول r:
سلوا الله الفردوس الأعلى فإنها مقصورة الرحمن.
إذا كانت اعمالك لا توصلك الفردوس الأعلى لقِصرك عن ذلك فقد تصلها بالدعاء وقد أوصاني الرسول r بالدعاء من حيث أنه مخ العبادة
(وَقَالَ رَبُّكُمُ
ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ
عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)
وداخرين أي أذلاء والداخر والمدخور هو المهزوم بذُلٍ وهوان.
يقول r فيما يحدث به عن ربه
" يا عبادي كلكم
ضالّ الا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته
فاستطعموني أُطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم يا
عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني
أغفر لكم. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجِنّكم جاءوني على صعيد
واحد وسألني كل واحد مسألة وأعطيت كل واحد ما سأل ما نقص ذلك من ملكي الا
كما ينقص المخيط من البحر. وهذا كم كرم الله تعالى فالله تعالى يحب الدعاء ويحب دعاء الصالحين
وجاء في الأثر أن الطالحين إذا دعوا الله تعالى يقول سبحانه لجبريل u أجِبهم فإني لا أحب أن اسمع صوتهم وإذا دعاه الصالحون يقول لجبريل أخِّره فإني أحب سماع صوته.
وإذا لاحظنا في القرآن جاءت كلمة التضرع أي التذلل في الدعاء فعليك أن تسأل الله تعالى بذُلِّك ودعائك وتوسّلك كما علّمنا r فواتح الدعاء المستجاب التي يحبها الله تعالى وهي أن تنادي الله تعالى بـ
(يا ذا الجلال والاكرام، يا ذا الجلال والاكرام، يا ذا الجلال والاكرام)
تقول الملائكة إن ذا الجلال والاكرام التفت لك فاسأله.
وكذلك يستفتح الدعاء بدعاء ذي النون في بطن الحوت
(لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)
إذا قدمتها في الدعاء يكون الدعاء مستجاباً بإذن الله تعالى ومناط الاستجابة معروفة
عند فِطر الصائم وفي الثلث الأخير من
الليل وعند نزول المطر ورؤية البرق أو حصول الآيات من خسوف وكسوف ونحوها
وبين الأذان والإقامة وبين الحيعلتين وكذلك الدعاء الجماعي فعليك أن تجتهد
في الدعاء فإنه فيه وصولاً لا يوفّره لك العمل مهما كان عظيماً.
ندعو الله تعالى بحسن الخاتمة والنصر والتوفيق وأن يملأ بلادنا بالعدل والحرية وألأمن وألأمان
أللهم آمين0