بجمال أخلاقي أغير لون حياتي
إِنّ الْحَمْدَلِلْهِ , نَحْمَدُهُ , وَنَسْتَعِيِنُهُ, وَنَسْتَغِرُهُ , وَنَعُوذُ بِالله مِنْ شُرُورِ
أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِئّاتِ أَعْمَالِنَا , مَنْ يَهْدِهِ الله فَلاَ مُضِلّ لَهُ , وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ
هَادِيَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ , وَ أَشْهَدُ أَنّ مُحَمَداً
عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صَلّى الله عَلَيْهِ وَ عَلَى آلِهِ وَسَلّمَ
الحمدلله الذي خلق كل شيء فأحسن خلقه وترتيبه , وأدب نبينا محمد
صلى الله عليه وسلم فأحسن تأديبه , وبعد :
جاء الإسلام والناس في جاهلية وشَرّ فأشاد الإسلام بُنيان
الأخلاق الفاضلة , وأرسى دعائم معالي الأمور , وحثّ على
أشرافها ..
وأقصى الأخلاق السافلة , ونَحّى سَفاسِف الأمور , وحذّر مِن دناياها
ونَالت الأخلاق حظّا وافِرا مِن النصوص .. ونال أصحابها أسْنَى المراتب
، واعلى الدرجات ..
فأحسن الناس أخلاقا أقْرَبهم مِجْلِساً مِن بني الرحمة صلى الله عليه وسلم
وتكفّل رسول الله عليه وسلم بِبَيتٍ في أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ
خُلُقَهُ
وأكمل المؤمنين إيمانا أحْسنَهم خُلُقا ..
وحُسْن الْخُلُق أثقَل ما يُوضَع في الميزان ..
وبِحُسْن الْخُلُق يبلغ العبد درجة الصائم القائم ..
وحُسْن الْخُلُق مع التقوى أكثر ما يُدْخِل الناس الجنة ..
فإن مكارم الأخلاق صفة من صفات الأنبياء والصديقين والصاحين ,
بها تُنال الدرجات , وتُرفع المقامات , وقد خص الله جل وعلا نبيه محمداً
صلى الله عليه وسلم بآية جمعت له محامد الأخلاق ومحاسن الآداب فقال
جل وعلا : (( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) [ القلم :4 ] .
كان رسول الله
أحسن الناس وجها ,
وأحسنهم خلقا ‘‘
وحُسْن الخلق يوجب التحاب والتآلف , وسوء الخلق يُثمر التباغض
والتحاسد والتدابر .
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم
حسن الخلق , والتمسك به , وجمع بين التقوى
وحسن الخلق , فقال عليه الصلاة والسلام : { أكثر ما يدخل الناس
الجنة , تقوى الله وحسن الخلق } [ رواه الترمذي والحاكم ] .
وحُسْن الخُلق : طلاقة الوجه و وبذل المعروف , وكف الأذى عن الناس ,
هذا مايلازم المسلم من كلام حسن , ومدادة للغضب , واحتمال
الأذى .
وعدَّ النبي صلى الله عليه وسلم حسن الخلق من كمال الإيمان , فقال
عليه الصلاة والسلام : { أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً } [ رواه أحمد وأبو داود ]
وعليك بقول رسول الله
صلى الله عليه وسلم : { أحب الناس إلى الله أنفعهم , وأحب
الأعمال الى الله عز وجل , سرور تدخله على مسلم , أو تكشف
كربة , أو تقضي ديناً , أو تطرد عنه جوعاً , ولئن أمشي مع أخي المسلم
في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً } [ رواه الطبراني ]
والمسلم مأمور بالكلمة الهنية اللينة لتكون في ميزان حسناته , قال عليه
الصلاة والسلام : { الكلمة الطيبة صدقة } [ متفق عليه ]
بل وحتى التبسم الذي لا يكلف المسلم شيئاً ,
له بذلك أجر : { وتبسمك في وجه أخيك المسلم صدقة } [ رواه الترمذي ]
والتوجيهات النبوية في الحث على حسن الخلق واحتمال الأذى كثيرة
معروفة ,
وسيرته صلى الله عليه وسلم نموذج يُحتذي به في الخلق مع نفسه , ومع
زوجاته , ومع جيرانه , ومع ضعفاء المسلمين , ومن جهلتهم , بل وحتى مع
الكافر , قال تعالى (( وَلاَ يَجرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ
أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى )) [ المائدة : 8 ]
حسن الخلق مع المخلوق فقد جمعهم ابن القيم في :.
1- الصبر : فهو يحبس النفس عن الاخلاق السيئة ويصابر صاحبه علي
الأخلاق الحسنة
2- العفة : تحمل علي اجتناب الرذائل والقبائح من الاقوال والافعال
وتمنع من الفحشاء
3- الشجاعة : فتحمل علي عزة النفس وايثار معاني الاخلاق والشيم
والبذل وكظم الغيظ
4- العدل : يحمل علي اعتدال الاخلاق والتوسط بين طرفي الإفراط
والتفريط
وقد جُمعت علامات حسن الخلق في صفات عدة , فاعرفها - أخي
المسلم - ونمسَّك بها . وهي إجمالاً : أن يكون الإنسان كثير الحياء , قليل
الأذى , كثير الصلاح , صدوق اللسان , قليل الكلام , كثير العمل , قليل
الزلل , قليل الفضول , براً وصولاً , وقوراً , صبوراً , شكوراً , راضياً ,
حليماً , رفيقاً , عفيفاً , شفيقاً , لا لعاناً ولا سباباً , ولا نماماً ولا مغتاباً ,
ولا عجولاً ولا حقوداً ولا بخيلاً , ولا حسوداً , بشاشاً هشاشاً , يحب في الله ,
ويرضي في الله , ويغضب في الله .
أصل الأخلاق المذمومة كلها : الكبر والمهانة والدناءة , وأصل الأخلاق
المحمودة كلها : الخشوع وعلو الهمة . فالفخر والبطر والأشَر والعجب
والحسد والبغي والخيلاء , والظلم والقسوة والتجبر , والإعراض وإباء
قبول النصيحة والاستئار , و طلب العلو وحب الجاه والرئاسة , وأن
يُحمد بما لم يفعل وأمثال ذلك ناشئة من الكبر .
وأما الكذب والخسة والبخل والخيانة والرياء والمكر والخديعة والطمع والفزع
والجبن والبخل والعجز والكسل والذل لغير الله واستبدال الذي هو
أدنى بالذي هو خير ونحو ذلك , فإنها من المهانة والدناءة وصغر النفس .
فانظر ما تُحبّه من الأخلاق فَتَحملّ به .. وما تكرهه مِن غيرك فاتقه
قيل للأحنف بن قيس : ممن تعلمت الْحِلم ؟ قال : مِن نفسي ؛ كنت
إذا كَرِهْتُ شيئا مِن غيري لا أفعل مثله بأحَد .
في النهاية أسأل الله العظيم بأسمائة وصفاته أن يرزقنا حسن الخلق معه
سبحانه ومع خلقه وليكون شعارنا بجمال أخلاقي أغيرلون حياتي
وودي لكم .. /